السبت، 9 سبتمبر 2017

قصة أسوأ موسم حج كارثي منذ 30 عاما بقلم : اسعد الصادق


قصة أسوأ موسم حج كارثي منذ 30 عاما


بقلم : اسعد الصادق
بلغت قلة الحياء ذروتها، ووصلت سياسة استغباء الناس الى منتهاها مع اعلان وزير الأوقاف والإرشاد في مؤتمر صحفي نجاح موسم الحج لهذا العام بالرغم من الكوارث والاخفاقات التي لا تعد ولا تحصى والتي شهدتها اعمال موسم الحج لهذا الموسم.

ما حفزني اكثر لكتابة هذه السطور ان الوزير عطية اعلن في مؤتمره الصحفي أنه تم تشكيل لجنة لتقييم أعمال موسم الحج لهذا العام، من 16 شخصاً، لمحاسبة المقصرين وتجويد الخدمات، والذي بدورنا نضع هذا التقييم والتقويم لاعمال موسم كارثي امام رئيس الوزراء بن دغر وكل القيادات العليا للدولة.

فخلال عقود من الزمن تدرجت ادارة اعمال الحج في البناء والتطوير والتنظيم والترتيب وتقديم الخدمات للحجاج، حيث كانت تتم بخطوات ثابته واجراءات وضوابط وآليات ضمنت تحقيق اعلى الدرجات الممكنه للنجاح والشفافية والوضوح في كل  التفاصيل نتيجة اتباع واعتماد الادارات المتعاقبه علي الوزارة وبنسب متفاوته، الاسس المنهجيه والابتعاد عن المغامرات والاجتهادات الشخصية والاستفادة من الخبرات المتراكمه ومن التجارب الناجحه في مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي.

ومن حج او اعتمر في التسعينات يعرف كيف كانت آلية تفويج الحجاج والمعتمرين مقارنة بالآلية المتطورة خلال السنوات العشر الماضية، حيث شهدت اعمال وخدمات الحجاج خلال عقود تطورات ونجاحات شهدها وشهد لها القاصي والداني علي ارض الواقع وليس في وسائل الاعلام  بل صارت اعمال الحج والعمرة مفخرة لليمن  امام بعثات الحج  للدول الاخرى وحصلت  اليمن في المواسم الماضية علي المرتبه الاولي من بين بعثات الحج لدول العالم العربي والاسلامي من قبل السلطات المعنيه في المملكه ومنحت شهادات التكريم من مختلف الجهات تقديرا لذلك .. وحصدت المراتب الاولي في تقديم افضل الخدمات.


غير ان وزارة الأوقاف اصبحت حاليا عبارة عن  اشخاص محسوبين علي تيار معين دون غيره إضافة الى ممن استعانوا بهم من اقارب واصحاب وسماسرة بعيدا عن كل القواعد والضوابط الاداريه المتعارف عليها استغلال للوضع القائم للاسف.

وفي وقت انتظر فيه الجميع ان يقوم الوزير الجديد احمد عطية بالاعتماد على الخبرات المتراكمة لدى وزارة الأوقاف والاستفادة من التجربة الناجحة خاصة في مجال الحج والعمرة والتي حققت نجاحات شهد لها القاصي والداني وحققت فيها اعمال الحج والعمرة قفزة ملحوظة، فوجئ جميع المهتمين والمتابعين بان الوزير عطيه لم يخرج عن قاعدة العمل بنظام الشلليه والكولسه بعيدا عن أي عمل مؤسسي، ومتجاهلا أي لوائح ونظم منظمة لاعمال إدارة الحج والعمرة.

فمنذ تعيينه فقد سلم الوزير جميع  اعمال الحج وادارتها ماليا واداريا  لشخصين وهما (  مدير مكتبه والوكيل المساعد طارق القرشي وعبدالكريم عباس صاحب وكالة التسهيل للحج  ) وهما عديمي الخبرة لا يعرفون شيئا عن اعمال الوزارة وادارة الحج والعمرة ولا يعلمون كيف تسير الأمور.

الوزير عطيه ومدير مكتبه القرشي  ومن استخدموهم لخدمة اهدافهم  همشوا واقصوا الجميع  طمعا في الاستحواذ علي كل شئ وحبا في السيطرة علي كل شئ دون نظام او قانون او رقابه من احد يغاير رغباتهم الجامحه فقد وجدوا انفسهم فجأة امام فرصه لاتعوض لتحقيق ثراء كبير من اعمال الحج واموال الحجاج والوكالات التي خططوا لجبايتها مستغلين الوضع القائم لمؤسسات الدولة وانعدام آليات الرقابة والمحاسبة على جميع عمليات الحج والعمرة.

غير ان الوزير عطيه ومدير مكتبه القرشي يواجهون معضله تتمثل في انعدام خبرتهم في هذا المجال ومن الصعب المجازفة ناهيك عن ان حداثة عهدهم قد لا تضمن لهم الاستفادة القصوى في تحقيق اكبر مكاسب شخصية من موسم الحج، ما جعلهم الاستناد الي شخصيتين ذوي خبرة من وكالات الحج والعمرة ومنحهم الثقة الكاملة وهما حسين الخولاني وَعَبَد الكريم عباس وجميعهم قيادات محسوبون علي  الحزب ذاته، والذين قاموا بدورهم باختيار فريق اعمالهم من السماسرة واصحاب مصالح يعرفهم الجميع ولا داعي لذكر أسمائهم.

من هنا بدأت قصه افشل موسم حج على مدى عشرات السنوات حيث تسلم عباس والخولاني وهم من ممثلي الوكالات مهام مراجعة ملف شروط التاهيل المعمول به من سنوات سابقة لدى الاوقاف في تجاهل مؤسف من قبل الوزير حول خطورة تسليم ملف مراجعة الوكالات لاصحاب وكالات أخرى  وهم اصحاب مصالح ومنافسين لهم في نفس النشاط ،،

حيث قام الفريق الجديد بتعديل ضوابط توزيع الحصص على الوكالات حيث تم تخفيظ حصة الفئه الاولى من سبعمائة حاج الى أربعمائة حاج بنقص ثلاثمائة حاج وكذلك التلاعب  بحصص باقي الفئات كما يحلو لهم  حيث قام كلاً من عبدالكريم عباس وحسين الخولاني ومن يروق لهم  بدون اي معيار او ضابط بزيادة حصتهم من الحجاج لكل واحد منهم مائة حاج في حين الاخرين تم التخفيظ عليهم.

كما تم اعفاء الوكالات من جميع شروط التأهيل من تراخيص وغيره والتي هي في الأساس الشي الضروري والاساسي لملف التاهيل وبدونها لا معنى لنزول ملف التاهيل إضافة الى تعديل بند الضمانات المطلوب تقديمها تعبيرا عن القدرة المالية للوكالة حيث تم تأجيلها الى مابعد اعتماد الوكالة.

وبالرغم من ان هذه الاعمال التي اتخذها عباس والخولاني والقرشي أفقدت التاهيل قيمته الحقيقة وجعلت الباب مفتوح على مصراعيه امام كل من هب ودب ،، الا انه بالطبع كان لهم غرض من ذلك يتمثل بان لديهم مكاتب تربطهم علاقات معها تم النزول عند رغبتها لعدم قدرتهم المالية.

بدأ الفريق سريعا بجني مكاسب هذا الموسم، حيث حققوا مبالغ كبيرة من عمليات التلاعب بملفات تأهيل معظم الوكالات الجديده  الذين اضطر أصحابها الى دفع مبالغ تصل الى 100الف ريال سعودي عن كل وكالة مقابل اعتمادها.

 كما ان هناك معلومات مؤكدة ان اجمالي ما استحوذت عليها الاوقاف ممثلة بالوزير عطيه ومعاونيه  من تأشيرات يصل الى اربعة الف ومائتين تأشيرة، بعد موافقة الجانب السعودي على منح اليمن حصة إضافية بعدد 2500 حاج.
وقد قامت وزارة الاوقاف ممثلة بالوزير ومدير مكتبه طارق القرشي  وبالتعاون مع عباس والخولاني ببيع تلك التأشيرات بالسوق السوداء وبسعر يزيد عن  سبعة الف وخمسمائة ريال سعودي وبدون اي خدمات تذكر حيث يصل قيمتها الاجمالية الى  اكثر من ثلاثين مليون وثلاثمائة وخمسة وسبعون الف ريال سعودي، بمايعادل ثلاثة مليار ريال يمني راحت الى جيوبهم وجيوب اخرين.

بالطبع تمت هذه العملية بتنسيق مع عبدالكريم عباس وحسين الخولاني والا لماذا تم السكوت عن الاوقاف بل وصل بهم الامر الى الدفاع عن الاوقاف وهذا  مالم يحصل من سنوات في حادثة غريبة لم يسبق فيها ان يدافع ممثلي الوكالات على تلاعب الوزارة وبيع تأشيرات الحجاج. وابتزاز الوكالات والنصب علي الحجاجزوالمواطنين

من هنا بدأت قصة التلاعب بموسم الحج والتي كانت اهم سبب في ما تلاها من إخفاقات، اذ ان هذا الفريق المحسوب علي تيار معين  ومتجانس في المصالح الشخصية، لا يفكر الا في كيفية اختلاس أموال الحجاج بفرض مزيدا من الرسوم وتقليل التكاليف باستئجار مساكن رديئة ووسائل نقل اكثر رداءة عفى عليها الزمن، ومخيمات بعيدة وضيقة.

فبالرغم من ان المبالغ والتكاليف التي دفعها الحجاج هذا الموسم اعلى بكثير من الاعوام الماضيه الا انه قابل ذلك  تدني كبير وملحوظ وموثق في الخدمات المستاجرة والمقدمه للحجاج بتفاصيلها سواء في خدمات السكن او النقل او خدمات الاعاشه او الاستقبال في المنافذ وغيرها.

ففي مجال السكن والذي يعد من اهم خدمات الحجاج قام القرشي وبقيه معاونيه هذا العام باستئجار اسوأ واردى المساكن وفي حارات ومناطق سيئة جدا وبنظام الشقق الرديئة وبحمامات مشتركة بمعدل يصل الي 15 حاج علي الحمام الواحد في بعض المساكن والتي تبعد عن الحرم بمسافات تصل الي  7000 و8000 متر من الحرم بعد ان كان حجاج اليمن يسكنون اكبر وارقي الابراج  المجاورة للحرم وسكن منهم في بعض المواسم ابراج الساعه وفي فنادق جديده 5 و4 نجوم، كما كانت وسائل النقل موديلات حديثة، إضافة الى مخيمات راقية في مشعر مني وفى منطقه قريبه من الجمرات بمعدل 11 شخص للخيمة الواحده فيما اصبحت هذا الموسم كل خيمه محشوره باكثر من 18 شخص  من الحجاج.

وقد كشفت عورتهم في ذلك اكثر عند نشوب حريق في احدي مباني الحجاج اليمنيين في مكة المكرمة منطقة العزيزيه الذي يسكن فيه اكثر من الف حاج.   وكذلك في يوم العيد تم  اجلاء الدفاع المدني السعودى لاكثر من 650 حاج يمني من مبني اسمه فندق العز   الآيل للسقوط والذي خصص لسكنهم في مكة المكرمة منطقة الششة.

إضافة الى مشكلة النقل بين المناسك والتي تسببت في ان اغلب الحجاج اليمنيين كانوا عالقين داخل فنادقهم ومقر اقامتهم غير قادرين على التنقل بين المناسك، نتيجة رداءة وسائل النقل المستأجرة، وخروجها عن الخدمة، وفشل خطة النقل والمواصلات ونقص في مشرفي الباصات، وافتقار حركة النقل لآلية تواصل فعالة حيث وجد بعض الباصات التي تقل الحجاج اليمنيين انفسهم ضايعين في شوارع مكة المكرمة، مقطوعي السبل بإدارة البعثة.والوزير ومعاونيه

خلاصة القول ان الوزير عطيه خيب كل الامال وانعكست كل التوقعات لنصحو على حقيقة مؤلمة أعاد معها الوزير عطيه وفريقه العمل والخدمات الى الوراء عشرات السنين  في كل المجالات والذي انعكس سلبا  علي تفاصيل الخدمات اللازم تقديمها للحجاج بشفافية ووضوح.

وما يفاقم من حجم الإخفاق هو مكابرة الفريق المسؤول عن الفشل وتسخيره كل الامكانيات للاعلان عبر وسائل الاعلام المختلفه عن نجاحات وهمية لا اساس لها من الصحة للتظليل علي القيادات المعنيه وهو ما يزيد المشكلة تعقيدا وتعمل علي زيادة الفضائح والتذمر  اضعافا.

لذا فلا مجال لمقارنة كوارث هذا الموسم بالسنوات الماضيه، كما ان هذا التظليل لا يسمن ولا يغني من جوع بعدما اصبحت جميع الاوساط تتكلم عن كوارث واخفاقات هذا الموسم سرا او علنا، في استياء شديد من الوزير ومعاونيه ومن الشرعية وحكومتها  ومن يمثلون الأحزاب داخل الحكومة.

اجمالا فان هذه الاحداث المؤسفة وغيرها لم يسبق وان سمع بها الحاج اليمني والمتابعين، وستضرب التجربة اليمنية الناجحة في مجال إدارة اعمال الحج في مقتل، وستمثل نقطة سوداء في مسيرة وزارة الأوقاف في جانب الحج والعمرة، من الصعب تناسيها الا بمحاسبة ومعاقبة كل المتورطين فيها.

الحديث عن افشل موسم حج منذ سنوات يطول وسنخصص له مقالات قادمه لتسليط الضوء بشكل اكثر دقه وتفصيلا حول معلومات مهمه تكشف مدى خطورة تسخير فريضه مقدسه لاختلاس وابتزاز وجني الأموال والمصالح الشخصية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


اعلان 22