الاثنين، 21 أغسطس 2017

في الذكرى 35 لتأسيس المؤتمر .. الحقائق الخمس للميثاق الوطني الدليل النظري والفكري بقلم / عبدالكريم راجح الجبوبي


في الذكرى 35 لتأسيس المؤتمر .. الحقائق الخمس للميثاق الوطني الدليل النظري والفكري

بقلم / عبدالكريم راجح الجبوبي

المؤتمر الشعبي العام، طود اليمنيين الأشم وحصنهم المنيع ومدرستهم السياسية الأولى التي تخرج منها السواد الأعظم من الشخصيات والمكونات السياسية الوطنيه لفترة تزيد عن ثلاثة عقود ، يستعد اليوم هذا العملاق لحشد انصاره وجماهيره وحلفائه لإحياء الذكرى الخامسة والثلاثين لإقرار الميثاق الوطني دليلا فكريا ونهجاً وسطياً يرسم خارطة طريق الحريات والتعدديات السياسيه للمستقبل اليمني، فمن حين إشهاره وظهوره تجددت الروح الوطنية المنسوجة بالنفس  اليمنيه، و غُمرت بفيضٍ من الثقة بالنفس والعزة بماضيها التليد وحاضرها الوليد.

قد لا أبالغ ان قلت ان المؤتمر الشعبي العام مثَّل الحدث الأهم في تاريخ البلد بعد الثورة المباركة  القرن الماضي وذلك لتمكنه من توحيد اهداف ومبادئ وافكار وتطلعات المجتمع اليمني بمختلف مكوناته وشرائحه وأوساطه السياسيه وبلورها في الميثاق الوطني ليكون فكراً يمنياً ،عربياً،اسلامياً موحداً، في فترة كان مثل هذا المنجز ضرباً من الخيال وحلماً تكون الشمس اقرب من تحقيقه، إلا ان النواة الاولى للمؤتمر الشعبي بإستعانتها بالله وبنظرتها الوسطية المستلهمة من وسطية الدين الاسلامي وبوطنيتها الممتدة من الحركة الوطنية اليمنية وبإخلاصها و ولاءها لإهداف الثورة، استطاعت ان تحقق الآمال وتطوي مسافات الاحلام.

لست هنا بمقام امتدح فيه المؤتمر الشعبي واغدقه بعبارات التمجيد والتخليد فليس هذا مقامي ومكاني ولايحتاج المؤتمر لمثل هذا، انما اردت ان اسلط بقعة الضوء على المقومات الاساسية والحقائق الخفية التي جعلت الميثاق الوطني حاضناً للعمل السياسي اليمني ومنبعة الصافي الذي لايعكره التقادم او يكدره التفاوت.
ولعلنا ندرك صعوبة الحقبة الزمنية التي تكون فيها المؤتمر الشعبي حيث كانت كبرى دول العالم تخوض نزاعات واطوار سياسية لتحديد موازين القوى وترسم المستقبل السياسي للعالم برمته؛ ونتيجة لهذه المخاضات اصبحت آنذاك الساحة الوطنية -بشطريها- مهددةً بالقوى الرجعية والملكية وانتشار الافكار اليمينية المتطرفة في الشمال ، ومهددةً بالتيارات اليسارية كالشيوعية والاشتراكية و بالإنزلاق الى اتون الحروب الاهلية بين جبهات التحرير والسلطنات في الجنوب، فكان النفي او الاغتيال هو مآل من يصل الى سدة الحكم في كلا الشطرين.

وما أود ابرازه هنا هو كيف استطاع المؤتمر الشعبي بميثاقه الوطني إطفاء هشيم النيران الممتد والمتناثر، وإخراس اصوات التطرف والتحيز في تلك الفترة الحساسة؟
سنجد هذا الجواب مطموراً بين ثنايا الميثاق الوطني وملخصاً في خمس حقائق كتالي:

"إن نظرتنا الى تاريخنا وتجاربنا السابقة بالمقارنة لواقعنا الراهن تؤكد لنا حقائق هامة في نظرتنا الى المستقبل هي:

- الحقيقة الاولى:
إن شعبنا لم يصنع حضارته القديمة إلا في ظل الاستقرار والأمن والسلام، ولم يتحقق له ذلك إلا في ظل وحدة الأرض والشعب والحكم. ولم تتحقق له الوحدة إلا في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية.
- الحقيقة الثانية:
إن كل الاحداث الدامية، عبر تاريخ اليمن الطويل، قد زعزعت كل شئ في حياة الانسان اليمني،إلا إيمانه بالله وتمسكه بالعقيدة الإسلامية، هذه الحقيقة تؤكد أن العقيدة الإسلامية هي ضمير شعبنا الذي يستحيل بدونه الاندفاع الى الأمام، وتؤكد أن مجتمعنا اليمني في ظل الشريعة الإسلامية الحقة، قادر على فهم واقعه وتكوين النظرة الواقعية السليمة لحاضره ومستقبله، وضمان الوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
- الحقيقة الثالثة:
إن التعصب الأعمى لا يثمر إلا الشر، وأن محاولات أية فئة متعصبة للقضاء على الآخرين، أو إخضاعهم بالقوة، قد فشلت عبر تاريخ اليمن كله، وأن الاستقرار الجزئي أو الشامل لليمن في ظل حكم يتسلط بالقوة ويتسلط بالدجل والخديعة لايدوم طويلاً، وغالباً ماينتهي بكارثة، بعد أن كان نفسه كارثة على الشعب، وأن الحوار الواعي هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق حياة أفضل للجميع.
- الحقيقة الرابعة:
إن المجتمع اليمني بدون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية غير قادر على تعزيز وحدته، وغير قادر على استغلال ثروته المادية والبشرية وإحداث التطور والتقدم والحفاظ على السيادة الوطنية.
-الحقيقة الخامسة:
إن مجتمعنا اليمني، كان ومايزال يؤكد رفضه لأشكال الاستغلال والظلم، مهما كانت أصولها ومصادرها، ويؤكد -في الوقت ذاته- حرصه على الاستقرار والأمن والإيمان."

ومن هنا نرى ان الميثاق الوطني لم يأتي بعصا موسى ليحدث معجزة يؤلف بها قلوب اليمنيين، بل جاء بهذه الحقائق، وانطلق منها ليحيي مبداء الشورى والديمقراطية ويميت التعصب والتطرف، فالشواهد التاريخية تؤكد ان نظام الحكم في الدولة اليمنيه لم ينجح ويستقر إلا بالشورى والديمقراطية، وماقصة ملكة سبأ بلقيس ونبي الله سليمان عنّا ببعيده، فقد عرض الله عزوجل في كتابة طبيعة النظام الحاكم في دولة سبأ فقال:(قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ) فنلاحظ هنا كيف ان الملكة بلقيس تستشير وزراءها وممثلي شعبها في مايعترض شؤون البلد الداخلية والخارجية، وتؤكد لهم انها لم ولن تنفرد برائيها وتتخذه فيصلاً لإتخاذ القرارات دون المناقشة والحوار معهم.

لهذه الحقائق، سيحتشد اليمانيّون يوم الخميس المقبل، ولمثل هذا الميثاق الذي شعاره قوله تعالى(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ )، سيعتصم اليمانيّون ويلتفون حول رايته، لاتمزقهم المذاهب او تشظيهم المطامع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


اعلان 22